الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة
كل إنسان معرض للحروب الروحية. سواء من الخارج أو من داخله تمر هذه الحروب عابرة. ويسهل الانتصار عليها. إن كان الشخص في حياة روحية قوية. ولكنها تكون عنيفة.
إن كان في حالة فتور. أو في استرخاء روحي. أو في إهمال لعبادته ولوسائط النعمة.
الحروب الداخلية
سنركز في كلامنا عنها. علي الأفكار والشهوات..
فالأفكار تحارب العقل. والشهوات تحارب القلب والحواس..
والحروب الروحية الداخلية تكون أصعب من الحروب الروحية التي تهجم من الخارج. لأن الحروب الداخلية يكون فيها الإنسان عدو نفسه. وتكون صعبة لأنه يشتهيها ولا يريد مقاومتها. ولهذا كانت نقاوة القلب هي أهم شيء في حياة الإنسان. فالقلب النقي حصن لا يُنال.
***
والحروب الداخلية قد يكون سببها طبع اندمج في الخطيئة. وغالباً ما يكون قد ترسب من الماضي في قلب الإنسان وفي فكره. بما يحاربه.. وقد يتسبب عن طبيعة ضعيفة تستسلم للخطأ. أو عن عدم اهتمام بالروحيات تكون نتيجته ضعف القلب من الداخل. فيترك الفكر يطيش حيثما شاء بلا ضابط.. فيبدأ التراخي في ضبط الحواس. والحواس هي أبواب للفكر.
والحروب الداخلية قد تبدأ خفيفة أو عنيفة. وحتي إن بدأت خفيفة.
فإن تراخي الإنسان في مقاومتها. تسعي للسيطرة عليه..
أما الإنسان المنتصر علي الحرب الداخلية. أو الذي ليست له حروب روحية في داخله.. فهذا إن أتته حروب من الخارج. تكون خفيفة عليه. ويمكنه التغلب عليها. لأن القلب رافض لها. وإرادته لا تتجاوب معها..
***
حرب الأفكار
قد تكون الأفكار في اليقظة. وقد تكون في المنام..
والأفكار أثناء النوم. ربما تكون مترسبة من أفكار وأخبار أثناء النهار. أو قد ترسبت في العقل الباطن من شهوات ومن أفكار. ومما جلبته الأذن من أخبار وحكايات. وما قرأه الشخص من قراءات ظلت عالقه في ذهنه.. كل هذه تأتي في أحلام. أو في سرحان. أو ما يسمونه بأحلام اليقظة. ويستمر فيها الإنسان طالما كان القلب قابلا لها. فإن كان رافضاً لها تتوقف. ويصحو لنفسه.
وإرادة الإنسان ضابط هام للفكر. فهي التي تسمح بدخول الفكر..
وحتي إن دخل الفكر خلسة. فهي التي تسمح باستمراره أو بايقافه. ومن هنا تأتي مسئولية الإنسان عن أفكاره. أمام ضميرة وأمام الله.
***
ومن هنا يرد السؤال التالي: هل هذه الأفكار إرادية. أم غير إرادية. أم شبه إرادية؟ أي من النوع الذي هو غير إرادي. ولكنه تابع من إرادة سابقة تسببت فيه!
فقد يغرس الشيطان فكراً في عقل إنسان. يدخل إليه بغير إرادته. ولكن حتي هذا الفكر الذي لا مسئولية عليك في دخوله. توجد مسئولية عليك في قبوله.. إن أردت يمكنك أن تطرد الفكر ولا تتعامل معه. ولا ترحب به.. لأنك إن قبلت الفكر الخاطئ. تكون خائناً لنعمة الله العاملة معك. وتكون مقصراً في حفظ وصايا الله وفي حفظ نقاوة قلبك.
***
وقد يأتيك الفكر الخاطئ في حلم.. فإن كنت نقياً تماماً. سوف لا تقبله في الحلم أيضا. بل ترفضه. أو يتغير الحلم. أو تستيقظ..
وإذا كنت لم تصل إلي هذا المستوي. وقبلت الفكر الخاطئ في الحلم. فستحزن بسببه كثيرا حينما تستيقظ. ويترك هذا الحزن أثره العميق في عقلك الباطن. فترفض كل حلم مماثل في المستقبل.. إن لم يكن مباشرة. فبالتدريج. إلي أن تصل إلي نقاوة العقل الباطن.
إذن قاوم أي فكر خاطئ يأتي إلي ذهنك في النهار. أثناء يقظتك. لكي تتعود المقاومة حتي بالليل. أثناء نومك. وتنغرس هذه المقاومة في أعماق شعورك. ويتعودها عقلك الباطن. إن زمام أفكارك في يدك. سواء منها الأفكار التي تصنعها بنفسك. أو التي ترد اليك من الخارج.
من الشيطان أو من الناس. وما أصدق قول المثل:
إن كنت لا تستطيع أن تمنع الطير من أن يحوم حول رأسك. فإنك تستطيع أن تمنعه من أن يعشش في شعرك