2) كبر الصبي شيئا فشيئا داخل حضن المذبح الأسرى برعاية صادقة،
وقد ألم بسير كثيرا من الشهداء والقديسين وكان يتأمل منهجهم وحياتهم ومحبتهم للمسيح، وكانت له موهبة في قص أعمالهم ومعجزاتهم باستمرار، وكم كان حزنه – لأنه لا يوجد استشهاد في هذه الآونة ! حتى يتعذب على اسم الرب، وكان يقول : ( يا خسارة مفيش عذابات دلوقتى، طيب أكون قديس ازاى ) وفى براءة كان يتساءل ازاى مار جرجس عنده [ 7 ] أكاليل، بيلبسهم ازاى ! ! فكان والديه يجيبوه حسب طبيعة وبساطة عقليته ويقولوا : زى ما يكون واحد عنده هدوم كثيرة وبيبدل فيها، وكانت آخر سيرة قرأها – الطفل الشهيد فيلوثاؤس.
(3) كان يسأل فيما يراه غريبا من حوله !
وأهله جاهدين يفسرون على قدر استيعابه الكثير من الأمور التي كانت تشغل تفكيره، فها هي أنظاره تتجه نحو صورة الصلبوت وبدأ فكره ينشغل ويمسك منديلا ويمسح آثار الدم العالقة بجبين المخلص، متأثرا غاية التأثر بالجراحات، وبعدها يتنهد بشدة – ثم يستريح، كما لو كان فعل ما أراحه وأرضاه، ثم تبدأ سلسلة الأسئلة ….. لماذا الدم !…. لماذا الشوك !.....العذاب !...... المسامير! وما الذي عمله يسوع لينال كل هذا ! أما كان يستطيع إهلاك هؤلاء اليهود ! فكان والديه يجيبانه : ( أن الناس الوحشة ضربوا بابا يسوع وعوروه، وبعد كده خف وبقى كويس) فكان يجيبهم : ( طيب وإحنا نسيبهم !) وظل يحمل ثائرا داخله تجاه صالبيه حتى انتقل وهو على أمل بأخذ هذا الثأر.
(4) الملاك الحارس :
في أحد المرات وهو سائر مع خادمه بمدارس الأحد ليلا ! سأله : ( إنت مش خايف بالليل لوحدك !) فأجابه ببساطة تلقائية ودون تفكير : "أخاف ازاى والملاك الحارس معايا" ا فضحك الخادم من الرد وقال له : " انت خلتني في نصف هدومي يا ابانوب. ولما حكى الخادم لأخوته الخدام، ما حدث مع هذا الطفل، قالوا :" ده إحنا ولا حاجة، وما ننفعش نكون خدام جنب إيمان الأطفال".
تجربته :
في الآونة الأخيرة بدت عليه أعراض التعب فشحب وجهه و ضعفت بنيته و كان يشتكى من احشائه و لم يستطيع الذهاب الى المدرسة و زادت شكواه بالتهاب حلقه فشخصت الطبيبة حالته أنها نزلة معوية و التهاب في الحلق و أمرته بالراحة لمدة يومين مع ما كتبته من أدوية، و لوحظ عليه كثرة الشراب و التبول مع عدم الأكل، و لم تتبين أسرته خطورة الحالة فرأوا أن يرجع المدرسة و يمارس حياته الطبيعية حتى يخرج مما هو فيه، لكنه تعب في المدرسة و رجع منها بأمر مدرسيه، و في الطريق اختل توازنه و سقط فحمله المارة الى والدته بالحضانة التي ذهبت به على الى المستشفى الحميات و ظل محجوزا بأحد العنابر لمدة يومين فساءت حالته للغاية لسوء الرعاية و التشخيص فأجمع الأطباء على ضرورة أخذ عينة لتحليلها للاشتباه في إصابته بحمى شوكية في المخ لكن ظهرت نتيجة التحليل بعدم إصابته بالحمى و ارتفع السكر عنده فحولوه الى العناية المركزة بمستشفى الدمرداش و امتلأ جسده النحيل بالأسلاك و المحاليل، و توقف قلبه 3 مرات و نتج عن ذلك ارتفاع السكر "تسمم الدم" فسبب : (فشل كلوى و ارتشاح بالمخ، و عدة جلطات، و صعوبة في التنفس) و انتفخ جسده و تورم و كان في غيبوبة كاملة و قال أب اعترافه "اكثر منظر أثر في وهو في العناية المركزة كنت حاسس انه طفل ملاك نايم لكن الألم اللى شافه ألم صعب و هياخد عليه إكليل رغم صغر فترته.
نياحته:
انطلقت روحه البارة في يوم الأحد 12/11/2000 و هو الذي طالما اشتاق لهذا اليوم، و أصر آب اعترافه أن يدفن في تونية بيضاء جديدة زى ما كان بيحب لبس الشمامسة و لما جاء أبونا يغسله وجد ملامحه هادئة جدا و مبتسم بصورة ملائكية، ويقول أبونا " لما لبسته التونية كان لازم اشيله علشان أخرجه و أضعه في الصندوق الذي خارج الحجرة و لأنه صغير لم اجعل أحد يشيله معي فحضنته و حصل و أنا بأحضنه إن ذراعه حضني. أنا حقيقي ساعتها اتهزيت لأني حسيت أن ابانوب لما حضني كان بيودعنى".
التعزية:
اتصل والده من المستشفى صباحا ليخبر أخته بانتقال ابانوب فأعلمته أنها تعلم ذلك عن طريق رؤية للسيدة العذراء إذ وقفت تصلى أمامها و تتشفع بها قائلة "يا أم النور و انت مسافرة أسيوط تظهري هلي بنورك على ابانوب و اشفيه" فرأتها في وضع الظهور و قد حملت بين يديها ابانوب و في طريقها نحو السماء، فأدركت أن ابانوب قد انتقل .
و رسالة أخرى من العذراء كانت الى إحدى صديقات والدته إذ جاءت لها العذراء في حلم قائلة لها "روحي لأبونا ارميا (آب اعتراف ابانوب و كان حزينا جدا لانتقاله) و قولي له ما تبكيش لأن ابانوب معايا و في حضني"
الثالث لانتقاله :
قبيل انتقاله ب15 يوما حكى لوالديه عن ذلك الحلم الذي رآه فقال "حلمت إني فوق عند بابا يسوع في مكان جميل جدا و واسع و فيه كرسى واحد و البابا شنودة ماشى علشان يقعد عليه فجريت و سبقته و قعدت عليه قبل ما يقعد هو و كنت بضحك إني فزت بالكرسي و سبقته". ويومها قال له أبوه "حتى في أحلامك شقى" و تذكروا تلك الرؤية في اليوم الثالث لانتقاله و كان يوافق عيد جلوس قداسة البابا على الكرسي المرقسى (14 نوفمبر).
بشرى أم الغلابة :
كان أبانوب مغرما بسيرة القديسة أم عبد السيد و كان يحفظ بعض صلواتها الخاصة و في زيارة أبونا ارسانيوس و بعض الخدام للتعزية تعرف الجميع على سيرة أم الغلابة من خلال أحاديث والديه فكانت مكافأة أم عبد السيد لهم هي رؤيا لإحدى صديقات والدته اسمها "سامية" التي حلمت أنها كانت تحكى لأم عبد السيد عن ابانوب و مرضه و وفاته فقالت لها القديسة "الولد ده صورته معايا" فردت سامية "مش ممكن" فقالت لها أم عبد السيد "طيب ها اوريكى صورته" و أخرجت من جيبها عدة صور كان من بينهم صورة ابانوب وقالت لها "مش هو ده".
أحلام و أنوار:
حدث بعد انتقاله أن رآه كثير من محبيه في أحلام مختلفة. كما حدث أثناء قراءة إحدى معارف الأسرة لسيرته في منزلها أن فج نور قوى اكثر من مرة رأته هي و أولادها.
بركة صلوات هذا الملاك الطاهر تكون معنا جميعا آمين.
م
ن
ق
و
ل