سالتني زوجتى عيد الميلاد على الأبواب. فماذا فعلت من أجل هذا اليوم
المجيد ؟ قلت لها أقول يا رب !... سكتت عدة أيام وسألتنى من جديد : العيد زحف وفلان اشترى لزوجته وأولاده، وفلان جدد أثاث منزله، وفلان أعطى لزوجته بضعة جنيهات لشراء مطالب العيد، ونحن ماذا سنعمل هذا العيد، لا بد وأنك تدخر لى مفاجأه جميله ؟ أسندت رأسى على يدي وقلت أقول يا رب ! وثارت زوجتى من طول بالى ومماطلتى فى الرد عليها بما يرضيها ، وراحت تقلق راحتى بالليل والنهار عن العيد ومطالب العيد والمفاجأه التى أعدها لها فى العيد ! وأعود أنا فأقول لها : أقول يارب
وتفقد زوجتى وقارها ذات يوم وتعايرنى : منذ زواجنا لم أرك تخقق لى مطلبا ، فقد تركت بيت ابى وفيه الكثير لأعيش هكذا بين رحمتك !
وابتسم فى هدوء وأقول لها : قلت لك أقول يارب ! وتهز رأسها وتقول لى: وماذا تعنى بقولك يا رب؟
أجبتها : أقول يارب... افتح عينى زوجتى على حقيقة حالنا فهى متعاليه رغم أنها تعرف أننا من ذوى الدخل المحدود نعيش بمرتبنا الشهرى فى اطار معين ، لا نستطيع معه تبذيرا فيما لا فائده منه
أقول يارب... البصيره لدينا نحن البشر مظلمه على الدوام تحتاج الى نورك ليضئ ظلامها، فنفهم أن الأعياد ليست فى الطعام والشراب والكساء واللهو.. وإنما الأعياد... أفراح تتبادلها القلوب فى مناسبات رفيعه لها تاريخها وقدسيتها، وحاشا لهذه الأعياد أن تتخللها المظاهر الكاذبه فى الكحك وشرب الخمر وأكل اللحم وارتكاب الشرور
أقول يارب.. أعطنى من رشدك فكره جميله أنفذها فى العيد فأسعد بها نفسي وزوجتى وأولادى.. وأرضى بها ربى وضميرى
أقول يارب... أعطنى الصحه والسكينه وهدوء البال وراحة الضمير. وأنعم لى ( بالصلاح) فى أولادى ( والتقوى) فى زوجتى
أقول يارب ... أنصر الحق على الباطل واكسبنى ( الحصانة) التى تسندنى وأنر لى طريقك لكى أخطو فيه بارادتك
أقول يارب... لا تحرم منى أولادى، واكفنى شر التجربه المهلكه، واعطنى القدره أن أعطى من القليل الذى أملكه لأسعد بقدر طاقتى بشرا مثلى
أقول يارب.. أكفنى شر الحاجه، سوى حاجتى إليك
وعندما انتهيت ... جدت زوجتى تجلس جانبى ساهمه شاخصة متهلله، وعندما التقت عينانا ربت على كتفها وقلت : من أجل هذا اقول يا رب
فابتسمت وهى تدمع وقالت فى كلمات مخنوقه : زدنى ايضاحا عما تقصد
قلت لنذهب فى العيد مع ولدينا الى ( بيت الأيتام ) القريب منا، نعيش فيه يومنا مع الأطفال الذين حرموا نعمة الأب أو الأم... أو الاثنين معا
ودقت أجراس الكنيسة فى العيد ! واستعددنا للرحله
وفى الصباح كنت فى ( بيت الأيتام ) القريب مع زوجتى وأولادى ، نحمل سله كبيره، ودهشت فلم أكن هناك لوحدى اذ وجدت كثيرين غيرى سلكوا نفس الطريق حتى لم أجد مكانا فى ( البيت) أجلس سوى قطعه من أرض الحديقه المزروعه بالنبات الأخضر الجميل، جلست فيها وتركت أولادى وزوجتى مع أولاد الملجأ وأولاد الزائرين مثلى يمرحون
وجلس أباء مثلى الى جانبى يتناقشون مبتهجين... وحسبت اننى فى موكب ( المجوس) الذين جاءوا الى الطفل يسوع يقدمون هداياهم ذهبا ولبانا ومرا، وما أكثر التشابه بيننا وبينهم. فقد ذكر المسيح أن اليتامى ( إخوته) وها نحن نزور ( أخوة المسيح) وما أشد الشبه بين يسوع المتواضع الذى ولد فى مزود البقر اذ لم يكن لهم موضع فى المنزل وبين الطفل الفقير اللاجئ الذى لم يولد على أفخم الحرائر وأجمل الرياش وحسبت نفسي من السعداء، فقد قضيت العيد ضيفا ( على المسيح ) وما أجمل ضيافته وأكرمها ! وما أسعدنى فى الدنياشئ مثل ما أسعدنى من لقاء ( أخوة المسيح الصغار ) بأولادى الصغار ! فى يوم العيد وما فرخت عمرى بقدر ما فرحت من موكب المريمات المتمثل فى ( المشرفات ) على الصغار وهن استقبلن زوجتى وأولادى، وما قنعت بقدر ما أقنعنى رضاء زوجتى وفرحها بهذا العيد الجميل وهذا اليوم الممتع
من أجل هذا قلت فى العيد : يا رب لا تحرمنى من هذه المتعه كل عيد